Horus

اتهامات لليبرالية و ردود الليبراليين عليها

اتهامات لليبرالية و ردود الليبراليين عليها 

 

تتهم الليبرالية بانها تكرس الفردية و تجاهل المجتمع و انها تدعو الى الانحلال، الا ان هذا ليس هذا سليما بالطبع. الليبرالية بالاساس تؤمن بأهمية الانسان و كرامته و بضرورة ان يكون سيد قراره و حياته، و الا يتم قمعه او التعدي على حقوقه او ممتلكاته من قبل الدولة و المجتمع تحت مسمى اي اقتصادي او سياسي او امني.


القضية التي تثير انتباه الليبراليين عندما تُهاجم الليبرالية هو ان مبدأ "حرية الاختيار" يحظى بهجوم شديد لدى بعض اطياف المجتمع. و لكن رد الليبرالي عادة ما يكون كالتالي: اذا اعطيت لنفسك الحق في قمع من يخالفك في الرأي جسديا او معنويا، اذا فأنك توافق ضمنيا على اعطائه نفس الحق اذا اوتي القوة. اذا اعطيت الحق لنفسك ان تفرض تفسيرا دينيا او فكريا او فلسفيا على آخرين، فانت تعطيهم ضمنيا نفس هذا الحق ان يفرضوا عليك تفاسيرهم الاكثر تشددا او الاكثر انحلالا من وجهة نظرك اذا اوتوا القدرة. اذا اعطيت الحق لنفسك ان تُسكت احدا لانك ترى انه يقول باطلا، فانك تعطي ضمنيا نفس هذا الحق للشخص الآخر ان يسكتك اذا اوتي القوة و القدرة لانه يرى ان كلامك انت باطلا و خطيرا. فالليبرالية اذا تدعو الناس لاستخدام الخطاب الهادئ و الاقناع السلمي في التأثير على فكر المجتمع، و ليس بالقانون و الاجبار، و تدعو الى جدل بالحناجر و الاقلام بدلا من معارك بالايدي و القوانين و الاسلحة. و يرون المثل الافضل هو كيفية انتشار الحجاب بين اكثر من ٨٠ ٪ من الفتيات المصريات و انتشار التدين و الصلاة و غيرها دون قوانين او اجبار و بالهدوء و الموعظة، و ان اغلب الغير محجبات محتشمات، و ما ادى ذلك الى حقيقة ارتباط و محبة الانسان المصري لشعائره الدينية و فهمه لها و مقاصدها مقارنة بببعض المجتمعات التي تطبق فكر الاجبار.
و يضيف الليبراليون انه اذا كان الانسان غير كامل و معرض للخطأ، و بالتالي يخاف البعض من اعطائه حريته، فكيف يحدد حدود حريته اناس آخرون غير كاملون و معرضون للخطأ؟! و حتى و ان قالوا انهم يتبعون قوانين مقدسة، فالناس تختلف في التفاسير و في التطبيق، و بالتالي فهي اناس غير كاملة و معرضة للخطأ تريد تطبيق رؤيتها لتلك النصوص المقدسة على الجميع. و حتى و ان اجتمعت اغلبية ساحقة على فكرة ما، فإن اغلب الثورات الفكرية و الاخلاقية التي سادت افكارها فيما بعد بدأت بشخص واحد قرر الاختلاف مع المجتمع، مثلما نزعت هدى شعراوي غطاء الوجه (شيء يشبه النقاب) بعد ان كان شيئ مطبق على جزء واسع من الشعب و طالبت باعطاء المرأة مساحة اوسع من حرية العمل و الجسد و الاختيار، و التي تصبحت كلها الآن مبادئ طبيعية تلقى قبول واسعا من المجتمع (و ان اختلفوا في درجات الحرية)، مقارنة برفض و استهجان المجتمع المصري انذاك لهدى شعراوي و افكارها، او مثل روزا باركس السيدة الامريكية السوداء التي رفضت ان تجلس في خلف الحافلة كما كان يتوقع المجتمع الامريكي من ابناء البشرة السمراء، و ثار ضدها اغلب الشعب الامريكي الابيض البشرة و تحدثوا عن انهيار قيم المجتمع الامريكي، الا ان الواقع انها بذلك بدأت بهذا العمل ثورة الحقوق المدنية في امريكا و نهاية العنصرية المدعمة قانونيا و اصبح مبدأ المساواة فكرة ركيزية من ركائز السياسة و المجتمع الامريكي. و بالتالي، فبينما قد تؤدي الحرية الى بعض ما قد يضايق المحافظين من المجتمع، فهي تحمي المجتمع من ان يقضي على حريات اتاحها الدين له في واقع الامر و اختلف معها اصحاب تفاسير معينة قد يسيطرون على السلطة في وقت ما، و هي تحمي المحافظين و تعطيهم قدرتهم على ممارسة تفاسيرهم الاكثر صرامة في حياتهم بالرغم من رفض البعض لها حتى و ان سيطروا على السلطة في وقت ما. و بالتالي، مرة اخرى، المبدأ الرئيسي هو: اعطي لغيرك الحقوق التي تريدها لنفسك، و قم بالمسئوليات التي تطلبها من غيرك، و ان تضمن الحقوق لمن هو اضعف منك حتى يضمنها لك هي نفسها هذه صار اقوى منك يوما ما.
---------------
ملحوظة: هذه السلسلة من المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأيي الشخصي او قناعاتي الشخصية، و احاول عن طريقها عرض وجهان نظر كما يعرضها اصحابها.